مزدلفة من المشاعر المقدسة التي يمرُّ بها الحجاج في رحلة حجهم إلى بيت الله الحرام. ويعود سبب تسميتها إلى أحد أمرين، الأول لأن الناس يزدلفون منها، أي يقتربون إلى الحرم، والثاني لأن الناس يقضون فيها زُلفاً من الليل، أي أوقاتاً وساعات من الليل.ومن فضائل مزدلفة أنه يشترك مع عرفات في اجتماع الناس بهما في وقت محدد؛
إذ في عرفات يجتمع الناس نهاراً حتى تغرب الشمس يدعون الله تعالى ويذكرونه، وفي مزدلفة يجتمعون للمبيت والاستراحة من تعب النهار.وإذ تُجمع في عرفات صلاة الظهر وصلاة العصر وتقصران، تُجمع في مزدلفة صلاة المغرب وصلاة العشاء وتقصران.وقد جمعَ الله بين عرفات ومزدلفة في الأجر العظيم، فقد قال -عليه الصلاة والسلام: (معاشرَ الناسِ، أَتاني جبرائيل آنفاً، فأقرأني من رَبي السلامَ، وقال: إنّ الله عز وجل غفرَ لأهلِ عرفاتٍ، وأَهل المَشْعَر، وضَمِنَ عنهم التبعاتِ).
بعد وصولك من عرفة إلى مزدلفة بإمكانك قضاء وقتك بما يلي:– أداء صلاتي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً مع حملتك.– ذكر الله وحمده وتلبيته.– الاستراحة والنوم استعداداً ليوم العيد.– استشعر قدر نعمة الله عليك بأن هداك ويسّر لك الحج وبلّغك عرفة ووفقك لدعائه والتضرع إليه، كما قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا الله عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ۖ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم من قَبْلِهِ لَمِنَ الضّالين﴾.
يبدأ وقت الوقوف بمزدلفة من بعد غروب شمس يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة).وقد تعدّدت المذاهب الفقهية في القدر اللازم للبقاء في مزدلفة:بين من يقول: يكفي المرور وقدر وضع الرّحْل، أي: يكفي أن يبقى الحاج في مزدلفة بقَدرِ الوقت الكافي لإنزال الأمتعة والتمكّن من الإقامة في المكان، سواء وُضعَت الرحال بالفعلِ أو لم توضع.ومن يقول: يلزَم البقاء إلى منتصف الليل، أو ثلثَي الليل، أو حتى الفجر.وقد بقي رسول الله ﷺ في مزدلفة حتى صلى الفجرَ، ثم دعا ربّه، ثم انصرف إلى منى قبل الإشراق.كما أذِن رسولُ الله ﷺ لمن استأذنه من النساء ومن معهم من المرافقين أن يخرجوا من مزدلفة قبل الفجر، وكان منهم ابن عباس -رضي الله عنه.وينبغي للحاج أن يلتزم موعد الحملة في الانتقال من مزدلفة، لأن الأمر ممّا وسّع فيه الشرع، ورسول الله ﷺ أذِن لمن استأذنه من الصحابة، ولا تخلو الحملات من وجود النساء وكبار السن.
يُشرع للحاج أن يلتقط قبل خروجه من مزدلفة 7 حصيات (جمرات) سيرمي بها جمرة العقبة يوم العيد، وإن التقطها من مِنى أو أي مكان جاز له.وبخصوص التقاط الحصى لبقية الجمرات فيكون من مِنى أيّ مكان حتى لا يثقل الأمر على الحاج.صِفة الحصى أن تكون صغيرة أصغر من ثمرة البُ ندق ، قريبة من حبوب البازلاء أو نوى التمر بطول 1 سم تقريباً، تزيد وتنقص.ويُنصح بالابتعاد عن الحصى الكبيرة وعدم التكلف في اختيار شكل الحصى وتطابق حجمها، قال ﷺ بعد أن جمع الجمار في يده وقبضها: (أمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين). وليس من السنّة غسل الجمرات ولا تطييبُها.